قرأت بالأمس الخطوط العريضة لبرنامج المجلس الوطني الذي يسعى د. ممدوح حمزة لتأسيسه. وقد ذكر بوضوح أن مهمة المجلس هو مساعدة المجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية (هذا ما فهمته من عبارة أن يقف مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال المرحلة الانتقالية)
معني لك أن مهام هذا المجلس سوف تتناسب مع المهام الانتقالية للمجلس العسكري، ولا ينبغي لها أن تتجاوز المهام الانتقالية المحدودة للمجلس العسكري. إن توسيع مهام هذا المجلس الوطني قد تؤدي إلى أثرين، إما توسيع مهام المجلس العسكري في الحياة السياسية المصرية بالتبعية بصفته الأداة التنفيذية لتحقيق المهام التي اناطها المجلس الوطني بنفسه، أو أن يطرح المجلس الوطني مبادئ وأفكار خلال المرحلة الانتقالية غير قابلة للتنفيذ مما يسلب المجلس الوطني مصداقيته أمام الناس.
أكتب هذا الكلام بعد أن لفت نظري أن المحور الأول لمهام المؤتمر سوف يدور حول الرؤية الاقتصادية الاجتماعية، بشقيها التنموي ومتطلبات العدل الاجتماعي. ومحور كهذا يصلح لأن يكون في مؤتمر لحزب سياسي، والمفهوم أن هذا المجلس الوطني ليس حزبا ولن يتحول إلى حزب بحكم تكوينه وإن كان من المحتمل أن ينتج عنه حزب أو أكثر.
مهمة عريضة كهذه ليست مهمة انتقالية، ولكنها مهمة مؤسسية تنطوي على توجه إيديولوجي، فضلا عن أنها غير قابلة للتحقق خلال الفترة الانتقالية كما لا يرغب أحد (على الأقل من الذين هتفوا من أجل الدولة المدنية) في أن يتحمل المجلس العسكري مسئولية بناء وصيانة أطر مؤسسية لتحقيق العدالة الاجتماعية.
أما المحور الثاني والخاص بوضع المبادئ العامة للدستور القادم، بشمولها وعموميتها في مجال الحريات العامة وهوية المجتمع ومضمون وشكل الدولة، وطبيعة النظام السياسي الجديد. ففي ظني أنه نوع من المصادرة على حق المجلس المنتخب في وضع الدستور. وهو تصرف غير ديمقراطي، فضلا عن أن المجلس الوطني لا يملك أي وسيلة لفرض الأفكار التي يتوصل إليها على الجمعية التأسيسية المنتخبة. وقد ينظر لذلك على أنه عملية التفاف على مواد الإعلان الدستوري الحالي، والمواد التي جرى الاستفتاء عليها (رغم أني لا أوافق عليها) لكن هذا النوع من الممارسة السياسية يخلق الأزمات، ويستنزف القوى، ولا يثمر نتائج. إن البديل عن ذلك الدخول من مدخل مباشر لتعديل الإعلان الدستوري بما يضمن حماية عملية إعداد الدستور من أي نتائج مخيبة للانتخابات البرلمانية. أو تكوين رأي عام واسع حول المبادئ الدستورية الأساسية التي يجمع عليها أعضاء المجلس الوطني، حتى يمثل هذا الإجماع وسيلة ضغط وأداة تصحيح للرؤى على معدي الدستور.
لذلك حرصت في مقترح البرنامج الذي أرسلته على أن يواجه المهام الانتقالية وحدها، ولا يتطرق لأي مهام على مدى أطول حتى المدى القصير جدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق