لابد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة من القيام بخطة متكاملة لتأمين مصر، هذه المهمة غير منجزة بسبب حالة السيولة التي يمارس بها المجلس الأعلى علاقته مع النظام البائد.
كان من المفروض منذ اليوم الأول أن يتحفظ على جميع قيادات الحزب الوطني، والقيادات الحكومية ذات النفوذ في الأجهزة المالية والأمنية. وأن يوضع كل رؤوس النظام مثل مبارك وأولاده وزكريا عزمي وصفوت الشريف وفتحي سرور وأعضاء لجنة السياسات، ورجال الأعمال ذوي الصلة الوثيقة بنظام الحكم رهن التحفظ. لقد استخدم أحد أعضاء المجلس العسكري عبارة عاطفية، وقال أنه لن يفرغ معتقلات كي يملأ معتقلات. هذا لغو فارغ. لقد نجح زكريا عزمي في فرم أعداد هائلة من الوثائق، ولا يزال مافيات مباحث أمن الدولة تعيث في البلاد فسادا، وتدمر الوثائق لإخفاء أدلة الإدانة ضدهم كما فعلوا في مقرهم بالأسكندرية مساء الجمعة 4 مارس، ولا يزالوا يواصلون عملهم في تدمير الوثائق لإخفاء جرائمهم. وقيادات الحزب الوطني في الأقاليم بنفس قوتها وسطوتها. واليوم يتجهون لإشعال الفتنة الطائفية، لولا يقظة جمهور المسلمين والأقباط. فحادث مقتل قمص أسيوط في منزله ليس بعيدا عنهم.
إذا كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة حريصا على القيام بدوره وتحمل مسئوليته في قيادة البلاد، فعليه أن يتحرك، وأمام عينيه رؤى الثورة التي ترسم له خارطة طريق لما يمكن أن يفعله لتأمين مصر وعودة الاستقرار، وإليك خطة عاجلة لذلك:
1. حل جهاز مباحث أمن الدولة، لأن حل الجهاز الحالي ضرورة من أجل بناء جهاز جديد، ووضع كاة مقاره تحت سيطرة القوات المسلحة. والتحفظ على كافة قياداته العليا والوسطي، والطلب من كافة المنتسبين للجهاز والمتعاونين معه تسليم أنفسهم للقوات المسلحة لتسجيل بياناتهم الشخصية والالتزام بأن يكونوا رهن الطلب في حالة استدعاء أحد منهم. كما يطلب منهم لإدلاء بأي معلومات عن أماكن الاحتجاز السرية حتى يمكن الوصول إلى المختطين والمفقودين.
2. الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، وتسجيل شهاداتهم فورا عن كل ما تم معهم، وتقديم أي معلومات متوفرة لديهم عن جلاديهم في السجون وفي مباحث أمن الدولة.
3. وضع كافة مقار الحزب الوطني تحت سيطرة القوات المسلحة والتحفظ عليها، وعلي جميع القيادات على مستوى الجمهورية وقيادات المحافظات، وأعضاء لجنة السياسات على المستوى المركزي ومستوى المحافظات.
4. إلقاء القبض على جميع المشتبه في تورطهم في أعمال الترويع من أعضاء الحزب الوطني ورجال الأعمال المتصلين به. ونحن متأكدون من توار معلومات حول ذلك ظهرت من خلال التحقيقات التي تمت مع البلطجية وأصحاب السوابق الذين قبضت عليهم وحاكمتهم القوات المسلحة.
5. التحديد السريع للمسئولية إزاء إطلاق النار على المتظاهرين وأعمال القنص ويمكن القيام بذلك بسهولة، وأظن أنه تم، بتحديد الضباط المسئولين عن المواقع التي تم يها إطلاق النار على المتظاهرين، وكذلك المناطق التي نشط يها القناصة، وتقديمهم للتحقيق والإعلان عن ذلك.
6. عزل جميع المحافظين، وحل المجالس المحلية بكافة مستوياتها، وتكليف سكرتير عام المحاظة بمهام المحافظ تحت إشراف رئيس محكمة الاستئناف بالمحافظة، مع إلزام كل محافظة ببناء موقع على الإنترنت لمتابعة موقفها المالي بالتفصيل، حتى يتقرر موعد لانتخابات المجالس المحلية وانتخاب المحافظين.
هذه الإجراءات لا تحتاج لوقت كبير. كما أنها ليست عبقرية خاصة، إنها تجارب متكررة ي أغلب البلدان التي مرت بظروف تغيير لنظمها الحاكمة سواء نتيجة لثورة كحالة مصر، أو نتيجة إنقلاب عسكري. وأقرب التجارب الزمنية لنا ما حدث في أوربا الشرقية، فعلي الرغم من علامات الاستفهام التي وضعت بشأن ثوراتهم إلا أن تكتيك التأمين والقطيعة مع النظم القديمة لم تخرج عن هذه الأمور.
الاستمرار في حالة السيولة الحالية مهدد بمنتهى الخطورة، ويكفى أن آلاف الوثائق قد أعدم، وفقدت سلطات العدالة في مصر الكثير من أدلة الاتهام، بل فقد المجتمع وثائق هامة لهذه المرحلة السوداء من تاريخ مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق