بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 17 مارس 2011

نحو مؤتمر وطني لإنقاذ الثورة ومرحلة الانتقال

تمر الثورة المصرية بمنعطف خطر قد يهدد مسيرتها، ويختصرها إلى مجرد انتفاضة ضد رئيس فاسد وبطانته. وينحسر نجاحها في معاقبة الرئيس وبعض من معاونيه، وإضافة بعض مساحيق التجميل على وجه نظام قبيح ملئ بالبثور وتجاعيد الشيخوخة، تشي عضلات وجهه بما يعنيه من الشلل.
المشهد الحالي للثورة المصرية يتلخص في التالي:
·        مؤامرات فلول النظام واستعادتهم لزمام المبادرة إلى حد ما، ويبدو ذلك في ما يظهر للعيان من حادث الفتنة الطائفية في قرية صول، ونجاح عناصر أمن الدولة في تدمير القسم الأكبر من وثائق الجهاز، والاستنفار الحاد والدموي في مواجهة شباب المتظاهرين الذي فكروا في دخول مقار الأمن المركزي، والاستعداد لارتكاب مجزرة بحقهم. تجمع بقايا الحزب الوطني وعقد بعض الاجتماعات التنظيمية لترتيب الأوراق ومحاولة التماشي جزئيا مع الواقع الجديد.
·        استمرار المجلس العسكري في تنفيذ خطته القاضية بصياغة نظام للحكم لا يختلف كثيرا عن سابقه خلال ستة أشهر، والزج بالبلاد في استفتاء على التعديلات الدستورية في ظل النقص الواضح للتواجد الأمني والاعتراضات الواسعة والقيمة على التعديلات من ناحية المبدأ، وكأن هذه الآراء لا تعنيهم في شيء. الجدير بالملاحظة أن إجراء استفتاء في هذه الظروف غير المستقرة لا يبشر بنتائج نزيهة للاستفتاء.
وفي نفس الوقت يستعين الجيش بالبلطجية في فض المعتصمين بميدان التحرير ويقدم عدد منهم للمحاكمة العسكرية بعد عمليات ضرب وتعذيب لعدد يزيد عن 200 شخص، في ظل عجز وسائل الإعلام عن نشر الخبر ومعالجته إعلاميا. والمدهش أن الشباب وهم يضربون ويسحلون على أرض الميدان كانوا يهتفون " الجيش والشعب أيد واحدة" في مشهد مفارق يعكس مستوى مسئولية الشعب ومستوى مسئولية الجيش عن وحدة الوطن.
·        تشكيل حكومة برئاسة رجل جاء من صفوف المتظاهرين بما يعد مكسبا حقيقيا للثورة، لكن يفرض عليه في التشكيل وزير مالية من لجنة السياسات، ووزير إنتاج حربي متورط في تزوير الانتخابات، ووزيري تربية وتعليم وتعليم عالي من أعضاء الحزب الوطني. يقوم مجلس الوزراء بعمله في ظل الصلاحيات غير المحدودة لرئيس الجمهورية في الدستور التي انتقلت إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لذلك يردد دوما رئيس الوزراء عبارة الاستئذان في كذا وفي كذا، فهو إذن لا يملك صلاحيات حقيقية لرئيس مجلس وزراء.
·        غزل واضح بين المجلس العسكري وبين حركة الإخوان المسلمين، بل والحركة الإسلامية بصفة عامة. لا نعرف مآرب هذا الغزل، هل هو تمهيد لزواج سعيد أو محاولة لشق الصفوف، أو حشر الثورة في صراع عقائدي قد يهدد وحدة الوطن؟
·        حالة نقاش وطني نشطة بين كافة القوى السياسية، وأبناء الشعب من غير المنتمين لأي اتجاه سياسي حول المستقبل القريب للثورة. هذا الجدل يعكس استمرار اتقاد الروح الثورية وهي الأمل الباقي.
ملامح هذا المشهد يمكن تلخيصها في عبارة واحدة " ميلاد مهدد بقتل الجنين". فقوى الشر مترصدة ومتحفزة ولا توجد خطة واضحة لتأمين البلاد في مواجهتهم. جر البلاد على سطور أجندة غامضة، وغير واضحة المبررات اللهم هذه المبررات الساذجة التي يسوقها أعضاء المجلس العسكري من حين لآخر، تسندها مبررات من يجيدون مسك العصا من الوسط. تخبط واضح وعجز لمجلس الوزراء عن قيادة البلاد في مسار محدد يتحمل مسئوليته. في نفس الوقت استمرار تفاقم المشكلات المعيشية، وعدم وجود شواهد واضحة على اقتراب البلاد من حالة استقرار. صحيح نحن لا نبحث الآن عن ملامح للنظام الجديد، ولكن من المهم تطهير المؤسسات من فلول النظام، وإحلال السيطرة بالطرق الديمقراطية للشعب على المؤسسات العامة، حتى ولو في خطوات انتقالية، ففي ذلك تكمن الحماية الحقيقية للوطن في هذه الظروف.
في مواجهة هذا الوضع الملتبس، ندعو لمؤتمر وطني عام يضم كافة القوى السياسية وكافة الناشطين، ومن يستطيع المشاركة في تحمل أعباء مرحلة التغيير في مصر من أجل وضع خريطة عمل توصل لتأسيس نظام حكم مدني ديمقراطي. لا تقتصر هذه الخريطة على المسار السياسي فقط، لكنها تشمل المسار الاقتصادي العاجل أيضا الذي يتمثل في تعزيز موارد الخزانة العامة وضبط ثغرات استنزاف الثروة الوطنية، وتحقيق تحسين لمستويات المعيشة، ومعالجة المطالب الفئوية بوضع جدول زمني لحلها جميعا، فالقاسم المشترك بينها هو تدني مستويات الأجور وعدم الاستقرار الوظيفي. كما توضع خطة واضحة المعالم لتأمين البلاد في مواجهة فلول النظام الساقط.
خريطة العمل الناتجة عن هذا المؤتمر يلزم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإتباعها، ويسهر الشعب على متابعة تنفيذها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق